قصة حب "الجزء الثالث"

بسم الله الرحمن الرحيم

بالفعل ساقنى عشقى وإصرارى عليه الى محبوبتى الحزينه الصامته ...ولكنى الان لا آبه للكيف ولا آبه لماديات الكون ..ذاك الكون التى افقدته جماله وسروره قوانين الحياة العمياء وقيود التكلف والروتين ....ولكنى عاشق الان ليس الا ...ولأجل عشقى سأحطم كل القيود ...لا يهمنى الناس..لا تهمنى دنياهم ...فقط عشقى سيخط على صفحات دنياهم معناه المعنوى ...ويمحى من بين أسطرها مادياته المعتاده الممله المخيبه لآمال العاشقين

ذهبت اليها وقلبي تنتفض فرحته ...فإذا بي امام منزلها الماكث بين ابناء عمومته من المنازل الاخرى التى لا يعرف السرور طريقها ...أرى جميع المنازل بائسه يرتسم على وجهها الملل بمجرد النظر اليها ...لا ادرى أهذه حقيقتها ام لا ...ولكن هذا إحساسى...ليس سوى إحساس...ولكنى أتيت الان ولمجيئى طابع خاص ...حبيبتى تسكن في الطابق الثانى ...فإذا بي أرسل لها حقيبتها مع طفل صغير فأنا متيقن من أنها لن تقابلنى ولن تعطى لي ريقاً ....

كانت تصحب الحقيبه التى ارسلت لها إياها ورقه صغيره تسكن على صفحتها قليل من الكلمات ..فإذا بحبيبتى تقرأ ورقتى

"أبدأ بحبك الذى فاض من قلبي ليسقط على تلك الورقه ..يتوق قلبي لحبك ...أما عن كتاب ذكرياتك الماضيه ..فما هو الا بقاية وريقات قد مذقتها...فانا الحاضر والماضى وانا الاتى ..لا تعاتبينى على حبي فلات حين عتاب ...ولات حين حساب ..سألتنى عن العشق فأنا العشق...وسألتنى عن القدر فأنا القدر..وإن تسألينى عن الدنيا فأنا وأنت الدنيا ...واثق أنا ان الكون يوما ما سيتحدث عن عشقنا ..كما واثق انك ستبوحين بمكنونات حبك لى وإن لم يكن الان فعما قريب ...فأنا الان تحت شرفتك تركت دنيا العناء والعمل الى دنياكِ ..دنيا العشق ...فأنا لكِ وانتِ لى "

نعم هذا ما كتبته لها ...فأنا الان انتظر رؤيتها ..أنا الان انتظرها تحت شرفتها ...تركت الحياة وتركت كل شئ لأجلها ...كان الليل قد حل ...وانطفأت قناديل الانوار في كل الارجاء ...وانا مازلت انتظرها ...فإذا بخطواتها الرقيقه تتابع نحو الشرفه ...نعم أكاد اسمعها ..فإذا بباب الشرفة يفتح ...وتنسدل منه آشعة القمر ..نعم كانت هى ..وكانت صديقتها بجوارها ..مبتسمة هى صديقتها ..ولكن حبيبتى لم تعبر أساريرها اى تعبيرات ...ولكنى لا أبالى

_حبيبتى كثيرا ما كذّبت قصص العاشقين الى أن أصبحت عاشقك..كثيرا ما ألقيت جانبي للهوى ولم أباليه الى ان بتُ أهواكِ..فأنا إما لكِ ..إما لن أرض بسواكِ ..وأنت إما لى وإما لن أملّ هواكِ

قلتها بأعلى صوتٍ لى ..فعبث صدى صوتى في أرجاء المنازل المجاوره ..وأخترق حجرات نومهم فأرقهم ...فإذا بأناس كثيرين يتملقونى ..يحدقونى..يتعجبون ...ولكن ما إن انتهيت من حديثى الا وتبسم لى هؤلاء المتعجبون ...كما تبسمت في خجلٍ صديقتها فأرى هناك زوجين يستعيدا الاشواق ويتشبثان بأطراف ايديهما ..كما أرى عاشقين يتبادلان نظرات دافئه تتسل الى قلوبهما ...ولكن ماذا عن حبيبتى ؟!!!...أراها لم تلقِ لى اهتماما وعادت مسرعه الى الداخل وأغلقت باب شرفتها بعد أن أخذت بيد صديقتها معها ...ولكن هيهات بينى وبين اليأس ..أنسيتم أنى عاشق؟.

قررت المبيت بجوار قلبي وتحت شرفته فلن أغادر أنا حتى أحظى بحبي ...توالت الايام وأنا منتظرها لا أكل ولا أمل وتوالت ترانيمى التى رددتها تحت شرفتها والتى شاركنى بها كثير من العشاق مثلى ولكن قلبها مازال مغلقا ...وصديقتها أراها تعطف على حالى وعلى حبي ..

شقشق نهار جديد على عاشقٍ يتحدى بعشقه جُل العقبات ..
مازال تعجب الناس يزداد كلما رأونى انتظر..فمنهم من يخالنى قد جننت ..ومنهم من قد يقدر عشقى ..لكنى لا اهتم ..ما هذا ؟إنها حبيبتى تخرج من المنزل لكن الى اين تذهب؟ لم أدع تساؤلاتى تتكاثر ...هرولت اليها ...لكنها تتجاهلنى تماما ...

إذا أتبعتها فإذا بها الى مكان به قاعة كبيره ...تحشد بأناس كثر .. متراصين حتى امتلأت تلك القاعه ...تجلس حبيبتى في منتصف تلك الصفوف ...الصمت خيم على الجالسين ..الكل ينتظر حتى انا ..علمت انهم ينتظرون احد العلماء لعلم النفس ليلقى ندوة عامة فهذه كانت فرصتى ...جاء هذا العالم ...وصعد وجلس على منصه وتكلم في ما جاء من أجله ...وبعدما انهى حديثه ..

_هل منكم من يريد طرح اى تساؤلات او استفسارات ؟

_أنا ...أتسمح لى بالميكروفون دقيقة

كنت أجلس أنا في اخر تلك الصفوف ...فقطعت بطلبي هذا صمت الجميع ...وإذا بالحضور يلتفت خلفه ليشاهد من هذا الذى طلب مثل ذا الطلب العجيب الغير معتاد؟!!!...أحمر وجهى لتأملات الناس لوجههى ...لكنى تشجعت

_تفضل بالحضور إذاً ...لك طلبك

وقفت فأنا اسعى الان الى المنصه العاليه ...أوشكت نظرات الجمهور ان تثقب جسدى ..أخطو خطوات متردده تارة مستكينه اخرى ...وما لبثت أن وصلت الى المنصه حتى شكرت العالم ..كان حقا موقفا مخيفا أن ترى رؤوس الناس وكأنها متلاصقه وانت في الاعلى ...حشد ضخم ...استجمعت كل شجاعتى وبللت شفتىّ الجافتين ..وشرعت أبدأ في الحديث:

_أستميحكم عذرا أريد إجابه منكم لسؤالى ..

"هل العشق عيبٌ ام حرام ..؟" أعرف الاجابه أنا ...ما العشق بعيبٍ ولا هو بحرام... أريد أن اعترف بحبي وعشقى لها امامكم ..اريد ان اتخطى كل الحدود في حبي ...فلعلما يرق قلبها ...أحبها منذ رؤيتها ..ولكنها أغلقت شتى ابواب قلبها تأثرا بماضيها المؤلم ...

ثم أطرقت ....فأردفت قائلا وأنا موجهاً طرفى الى محبوبتى:

_ حبيبتى ...بين كل العالم اعترف انى احبك...حبيبتى هل للطير الحياة دون جناح؟ فأنا طيرٌ حلقت بجوانح عشقك العاتى في سرائرى...
حبيبتى ..لا قيود ،لا عواقب،لا ماضى..لا ولا والف لا لشئ كان حائل بينى وبينك ...حبيبتى..خلق الكون للحب وبه كما خلقت لأحبك ...حبيبتى لن ادع طريقا لثكلك ولا فراقك ..تعلمين لما؟ لأن فراقك لم يقدر لى بعد ...فأنا لك وانت لى ..أنت حبيبتى

فإذا بهم يديرون وجههم ليروا لمن كان حديثى ...ثم فوجئت حقا بحرارة التصفيق الذى اهتزت له أرجاء القاعه ..وكان من بين المصفقين العالم ...فإذا بحبيبتى يندى جبينها خجلا اعتراه الاحمرار..وتزاحمت العبرات الساخنه في مقلتيها ..حاولت كتمان بكائها لكن خانتها دمعتان فسقطت على وجنتيها الرقيقتين...خرجت مسرعة تحاول الهروب من أعين الناس ..فلاحقتها ..أوقفتها ..حدثتها
_أحبك ..أرجوك دع الماضى ..سنعش في عالمنا نحن..عالم بلا أناس ..بلا زحام..بلا وجوه..عالم لا يوجد فيه سوانا "انا وانت"

...تركت يدى وأسرعت ..غضبت..ثرت ..لاحقتها
لكن ما هذا ؟...يا الهى كيف سيحدث هذا ...لا ..لا ..أرى سيارة مسرعه ...تتقدم بسرعه كبيره نحو حبيبتى ...هى منهمكه في البكاء ..اراها لا تدرى بالموت الذى يقترب منها شيئا فشيئا ..
تقترب السياره..تقترب اكثر..اكثر فأكثر ..

أسرعت بكل جوارحى لأفادى محبوبتى ..فدفعتها الى جانب الطريق ...لتصطدم بي انا السياره...نعم اصطدمت بي

"حــــــــــبيبي"

ما هذا....؟ أكانت تلك الكلمه منها....؟! لا أدرى فقدت الوعى إثر الصدمه ...

_حبيبتى ماذا تقرأين أراكِ تقرأين بنهم شديد أريد مشاركتك

_"قصة حب" أريد أن أقرأها ألف مرة حبيبى فلا يزول نهمى ابدا تذكرنى بما فعلت للفوز بقلبي ...تذكرنى بإنقاذك لى ومواجهتك للخطر عنى...تذكرنى بأن جعلك الله سببا في كلامى هذا ...أتذكر ما أول كلمة لفظت بها

_نعم وهل هذه الكلمه تنسى ...كانت "حبيبي" أنستنى ألمى ..أنستنى العالم...أنستنى كل شئ تلك الكلمة ...كتبت قصتنا بعدها ليعرفها ابناءنا فيما بعد ..ويعرفوا ان العشق اقوى من كل شئ

_حبيبتى ...ما العشق؟

_انت العشق

_حبيبتي ..ما القدر ؟

_أنت القدر ...


"قصة حب"

كتبها لكم : ناجى نعيم

ارجو ان تنال إستحسانكم
""