نكد فنى ، بقلم الناقد الفنى الكبير : سندباد جوى

فى معظم الجــرائد و المجلات
تخصـــص صفـحات أو أبواب
لما يعـرف بـ " النقـد الفنى "
وغالبا ما تقرأ ما يكتب فيها
إلى النهاية و لكنك لا تخــرج
بأى فائدة من أى نوع . . . .

نكد فنى

بقلم
الناقد الفنى الكبير

سندباد جوى

كنت أقلب فى مجموعة صورى

من أجل أن أجمع لكم بعض صور لوحاتى

التى رسمتها على مدى السنوات السابقة

" حيث أننى فنان تشكيلى كبير "

حتى أعرضها عليكم فى " قسم المهارات و الهوايات"

و لكننى للأسف لم أجد فى منتدانا مثل هذا القسم

ما علينا فلنعد لموضوعنا

فإن الذين يحبون الترتيب و النظام أو لنقل المثقفين

يطلقون على مجموعة الصور التى يحتفظون بها

" أرشيف الصور "

حسنا . . بما أننى من المثقفين

و " ليس مهما أن أكون من المنظمين "

سأقول لكم أننى كنت أبحث فى " أرشيف صورى "

أرى بعضكم يضحك لأننى أصف نفسى بالمثقف !!

لا تنتبهوا إليه فهو لا يعلم

ألم يقرأ أن هذا المقال

بقلم " الناقد الكبير " سندباد جوى

و المنطق يقول أن كل ناقد هو بالضرورة مثقف

و لكن كل مثقف لا يكون بالضرورة ناقدا

و قديما كانت مثل هذه الألقاب تمنح

أو يطلقها عليك الآخرون

و لكنها الآن تؤخذ أو تدعى . .

أو لنقل تغتصب

فادعى لنفسك ما شئت

و لكن عليك أن تصمم على رأيك

و ألا تسمح للآخرين بأن يضحكوا منك

أو يسخروا من ادعاءاتك

هذا إلا إذا كنت مثل شعبان عبد الرحيم

الذى لا يدعى الثقافة مثلى و لكنه يدعى الفن

وهو فى الأصل " مكوقي رقـل "

و قد صنع " شعبولا " لنفسه شخصية مميزة

فجعل من نفسه مادة للسخرية زادت من شهرته كثيرا

فهو على سبيل المثال يرتدى ساعتين أو ثلاثة

و عندما سألوه عن السر فى ذلك

أجاب إجابة تنم عن فلسفة عميقة

قال : الساعة الأولى أعرف منها الوقت كلما أردت

و الأخرى لكى أنظر فيها إذا سألنى شخص آخر عن الساعة

فقيل له : و لماذا لا تنظر فى الساعة الأولى و تخبره ؟!!

رد باستغراب شديد : لأنها ساعتى أنا !!

و إيييييييييييييه

يتبـــــــــــــــــــــــــــع

المهم نعود لأرشيف صورى

فبينما أبحث فيه عن الصور التى أود أن أعرضها عليكم

و جدت هذه الصورة

أرجو أن تتأملوها جيدا

نكد فنى ، بقلم الناقد الفنى الكبير : سندباد جوى 600x600

هذه صورة لإحدى لوحاتى

التى لا أذكر متى رسمتها و لا أين ذهبت ؟!!

و لا متى امتعضت لها ؟!!

و أنتم قد لا تعرفون أن الفنانين " من أمثالى "

حين ينتهون من رسم إحدى لوحاتهم فإنهم يتأملونها مليا

. . و يمتعضون

لا أعرف حقيقة لماذا نمتعض ؟!!

هل نرسم لكى نمتعض ؟!!

أم أننا نمتعض لأننا نرسم ؟!!

و إن كنت أشك كثيرا فى أنك من الممكن

أن تصبح مثقفا أو فنانا أو ناقدا

دون أن تجيد فن " الامتعاض"

و دون أن تنظر إلى كل الأشياء بقرف شديد

المهم فأنا لأنني " فنان سوبر "

فأنا أبدأ بالامتعاض مقدما قبل أن أبدأ فى الرسم

و بعد أن أنتهى من الرسم لا أنظر إلى اللوحة

بل و أنسى كل شئ عنها

و لذلك فإن أخشى ما أخشاه

أن يحصل شخص ما على إحدى لوحاتى

و يعرضها على ليستطلع رأيى فيها بوصفى " ناقد كبير"

و هو لا يعلم أنها من رسمى

" و لا أنا طبعا "

أخشى أن أنبرى و أهاجم و ربما أشتم من رسمها

بوصفه من أدعياء الفن

و أوضح له كيف ضاع منه التكوين

و افتقرت لوحته إلى " الإيقاع الموسيقى "

و الإيقاع كما يقول أفلاطون :

تستطيع أن تراه في تحليق الطيور

و فى نبض العروق

و خطوات الرقص و مقاطع الكلام .

كما غابت عن اللوحة " الميلودية "

و الميلودية لمن لا يعرفها

هى الخيط الشعوري الرابط بين أجزاء العمل الموسيقي

الذي يعطيه وحدته و معناه .

كذلك فقدت ألوانها " الهارمونية "

و الهارمونية لمن لا يعلم تعنى التناغم الموسيقى

و هى تفسر باصطلاح " الموسيقي التوافقية "

و طبعا بوصفى من المثقفين كما تعرفون

" و هذا من المسلمات المؤكدة "

أعرف جيدا هذه العلاقة " السرمدية "

بين الفن التشكيلى و الموسيقى

و بين كل منهما والشعر

فأنت عندما تعزف لحنا

إنما تصنع فنا تشكيليا

و لكن على صفحة من الزمن

كما أن العلاقة بين الموسيقى و الشعر لا تحتاج إلى شرح

فعلى سبيل المثال فإن السيمفونية التاسعة لبيتهوفن

ما هى إلا ترجمة موسيقية لقصيدة " السعادة "

التى كتبها صديقه الشاعر شيللر

" هل لاحظتم أننى أقول كلاما فخما كأمثالى من المثقفين الكبار ؟ "

يتبــــــــــــــــــع

حسنا فلنستكمل حديثنا

فنحن نجد الكثير من الفنانين التشكيليين فى هذه الأيام

ينزعون إلى التجريد

ربما فى محاولة للوصول بلوحاتهم إلى ما يشبه

العزف الموسيقى المطلق

و لكن باستخدام الألوان و الخطوط

و قد بدأ التجريد فى البداية بتلخيص أشكال الأحياء و الأشياء

و تبسيطها فى رسومهم

ثم تطور الأمر إلى ما يعرف بالتجريد اللونى

" أو التجريد اللاشكلى "

حيث بدأت اللوحات التجريدية تقتصر على بعض الألوان

الموزعة فى اللوحة دون محاكاة لشكل معلوم

و أذكر أننى قرأت واقعة غريبة حدثت فى مصر

فى بداية ظهور النزعة التجريدية فيها

حيث نشرت إحدى الصحف القاهرية

صورة لأحدث لوحات بيكاسو التجريدية فى ذلك الوقت

و طلبت من الفنانين التشكيليين و نقاد الفن التشكيلى

شرح هذه اللوحة للمواطنين العاديين

و بالطبع فإن جميعهم انبهروا كثيرا

و تباروا فى الإشادة بلوحة الفنان الكبير

و أظهروا ما فيها من البراعة و الأستاذية

و أخيرا فجر الصحفى الذى نشر صورة اللوحة المفاجأة المدوية

فهذه اللوحة فى الحقيقة لم تكن من أعمال بيكاسو

و لا حتى غيره من الفنانين

و لكن الصحفى الخبيث كان قد أجلس قردا أمام لوحة بيضاء

نعم قرد . . !!!

أعطاه فرشاة و ألوانا

و تركه يلطخ بها السطح الأبيض !!

ثم ادعى أن هذه اللوحة هى أحدث لوحات بيكاسو .

لذلك فإنه ليست كل لوحة لطخت بمجموعة عشوائية من الألوان

تعتبر فنا تجريديا

و لكن أيضا ليست كل لوحة ملطخة بالألوان

يكون من رسمها بالضرورة قردا .

و لا أكتمكم سرا

فقد امتنعت منذ قرأت هذه الحكاية

عن أكل الموز أو الفول السودانى أو جوز الهند

و قطعت صلتى بكل صديق له علاقة بالصحافة

حتى و إن كان مجرد قارئ صحف

و ذلك للابتعاد تماما عن كل الشبهات .

معذرة . . نسيت أننا نتحدث عن هذه الصورة

التى عثرت عليها لكم فى " أرشيف الصور " الخاص بى

فلنعد إلى حديثنا مرة أخرى

و أرجو أن تسامحونى فهذه إرادة القدر

الذى و ضعنى فى طريقكم

و القدر أيضا هو الذى جعلكم تفتحون هذه الصفحة

و تقرءون هذا الموضوع الذى يبدو بلا فائدة

كمعظم مواضيع النقاد المثقفين من أمثالى

يتبـــــــــــــــــــــــع

حسنا عليكم الآن ألا تعاندوا القدر

و أن تتابعوا القراءة ما دمتم قد بدأتموها

فأنتم تعرفون مثلى تماما

أننا لا نستطيع أن نعاند القدر أبدا

و بمناسبة محاولة عناد القدر

فقد استمعت ذات يوم إلى صوت جميل

لمطرب مصرى راحل

اسمه عبد اللطيف التلبانى

و لأن صوته أعجبنى كثيرا

فقد بدأت أبحث فى تاريخ حياته

و عرفت عنه واقعة غريبة

فحين بدأت الدولة

تدخل أنابيب الغاز الطبيعى إلى المنازل

لتشغيل مواقد الغاز به

بدلا من اسطوانات الغاز التى يتم تعبئتها

رفض هذا المطرب التلبانى

أن يتم توصيل أنابيب الغاز إلى منزله

لأنه كان يخاف أن يؤدى إهمال صيانتها

إلى تسرب الغاز

و من ثم وقوع كارثة مروعة

و ظل يستعمل فى منزله اسطوانات الغاز

و شاء القدر الذى لا يعاند

أن يموت المطرب التلبانى فى حادثة

هل تصدقون أنه مات فى حادث انفجار اسطوانة الغاز فى منزله ؟!!!

سامحونى مرة أخرى فأنا نفسى لا أعرف ماهية العلاقة

بين صورة هذه اللوحة و بين انفجار اسطوانة الغاز

فى منزل مطرب راحل

فلنعد مرة أخرى إلى الصورة

و بالمناسبة فأنا على عكس معظم زملائى الرسامين

أقوم بالتقاط الصور الفوتوغرافية للوحاتى بنفسى

فى حين يقوم معظمهم

بالاستعانة بأحد المصورين الفوتوغرافيين المحترفين

لتصوير لوحاتهم

فأنا أرى أن من يستطيع أن يصور بالفرشاة و الألوان

يستطيع بلا أدنى شك أن يصور باستخدام الكاميرا

على اعتبار أن التصوير الفوتوغرافى

ما هو إلا رسم بالضوء

بل إنه يعتبر الآن نوعا من الفنون التشكيلية

و تقام له المعارض و ترصد له الجوائز

يا ربى . . لماذا تشطحون بعيدا عنى دائما ؟!!

ألا تعرفون أننا نتحدث عن هذه اللوحة

التى وضعت صورتها أمامكم

و التى يبدو جليا أن من رسمها هو أحد أدعياء الفن

الذين لا يفقهون شيئا عن بناء التكوين و الميلودية فى اللوحة

و لا عن التناغم و التجانس و الإيقاع و الهارموني بين الخطوط و الألوان ؟!!

و هؤلاء المدعون بمثل هذه الأعمال الوضيعة

لا يسيئون إلى أنفسهم فقط

بل يسيئون إلى الفن التشكيلى ذاته

و إلى الفنانين التشكيليين جميعا

و يجهدوننا نحن النقاد بلا مبرر

فنبدو كأنما نؤذن دائما فى مالطة !!!

نكد فنى ، بقلم الناقد الفنى الكبير : سندباد جوى Selection

نكد فنى ، بقلم الناقد الفنى الكبير : سندباد جوى Selection

ملحوظة هامة جدا

كاتب هذا الموضوع ليس مسئولا بأى شكل من الأشكال

عما ورد فى موضوعه

و كل المسئولية تقع على القارئ

الذى أصر على قراءة هذا الموضوع للنهاية

استاذ والله في طرحك للموضوع

قرات الموضوع وبعد لحظات ليست كثيرة

شعرت اني اريد قراءته مرة اخرى

وهذا ان دل فانه يدل على انك استاذ في شد القارئ لكتاباتك

لك اسلوب مميز

الله يزيدك مما وهبك

اشكرك

مشكور على الموضوع الرائع
تسلمممممممممم
تحيااتي

» ربمــــــــا ... قصة قصيرة ، بقلم سندباد جوى
» قصة رجل من بر مصر( على بك الكبير )
» القاموس الكبير لفك رموز الرؤى والاحلام
» كتاب : " تاريخ النجاح الكبير "
» إحراق المسجد الكبير قرب سلفيت من قبل مستوطنين