أكذوبة اليورانيوم في مصر..انتقام نتنياهو من أبو الغيطما أن جددت مصر الدعوة لإخلاء المنطقة من الأسلحة النووية ، إلا وزعمت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية في 6 مايو أن تقريرا سريا للوكالة الدولية للطاقة الذرية كشف أن مفتشيها عثروا على آثار لليورانيوم المخصب فى مصر.
ووفقا للصحيفة ، فإن التقرير أوضح أنه تم العثور على جزيئات اليورانيوم الذي يستخدم في صنع الأسلحة النووية فى منطقة "أنشاص" شمال شرق القاهرة خلال عامي 2007 و 2008 .
وجاء في التقرير أيضا أن السلطات المصرية أعربت عن اعتقادها بأن بقايا اليورانيوم المخصب كانت فى حاويات تحتوى على مواد مشعة تم استيرادها من دول خارجية ، كما أشار إلى أن الوكالة الدولية تعتقد أن بقايا اليورانيوم المخصب يمكن أن تكون دخلت إلى مصر فى حاويات للنظائر المشعة، ولكنها لم تتأكد حتى الآن من هذا الاعتقاد، ولذا تعمل على مواصلة التحقيق وآخذ عينات من موقع أنشاص حتى تتأكد من مصدر اليورانيوم، ومن الطريقة التى يتم استخدامه فيها.
وكانت مصر أوقفت العمل بمفاعل "أنشاص" للأبحاث العلمية النووية عام 1986 بعد حادثة انفجار مفاعل تشرنوبيل، كما كانت قد وقعت على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية عام 1969.
وفي أول رد فعل رسمي مصري على المزاعم السابقة ، وصف السفير حسام زكى المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية التقارير الإعلامية التي تناولت مسألة عثور الوكالة الدولية للطاقة الذرية على آثار اليورانيوم المخصب في مصر بأنها "مغلوطة وقديمة".
وقال :"إنه من المثير للدهشة أن تحصل وسائل الإعلام على معلومات متضمنة في تقرير للوكالة ينتظر أن يتم الإعلان عنه في اجتماعها في شهر يونيو المقبل، وهو الأمر الذي يضع علامات استفهام عديدة حول دوافع البعض في تسريب مثل تلك الأمور".
وأضاف أن مصر سبق وأن أوضحت للوكالة ملابسات هذا الموضوع وأوضحت أنها تعتقد أن آثار اليورانيوم عالي التخصيب التي ظهرت في عينات من موقع أنشاص البحثي ربما جاءت إلى البلاد من خلال حاويات نقل نظائر مشعة ملوثة ، مؤكدا أن المسئولين بالوكالة يتفقون مع التفسير المصري .
وكشف أن هذه المسألة تعود إلى عام 2007 وأن الوكالة تؤكد دائما في تقاريرها أن الأنشطة النووية المصرية هي ذات طبيعة سلمية، وأنه لم تعد هناك مسائل عالقة فيما يتصل بالتعاون المصري مع الوكالة ، مشيرا إلى أنه صدرت توجيهات لبعثة مصر لدى الوكالة لإثارة الأمر والحصول على التوضيحات اللازمة حول المزاعم الأخيرة .
ويرى مراقبون أن إثارة الحديث في هذا الوقت بالذات حول وجود آثار يورانيوم مخصب في مصر غير بعيد عن التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في الأيام الأخيرة وركزت على ضرورة تنفيذ المبادرة المصرية لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية كجزء لا يتجزأ من الجهود الدولية المبذولة للتعاطي مع البرنامج النووي الإيراني ، مشيرا إلى ضرورة أن تشمل هذه الجهود انضمام إسرائيل لمنظومة منع الانتشار النووي.
وكان أبو الغيط قال بعد لقائه دينيس روس مستشار وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الخليج وجنوب غرب آسيا في 3 مايو :" إنه يجب أن يسمح للدول بالحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية وينبغي أن يحل النزاع مع إيران بالطرق السلمية وبعيدا عن أي وسائل عسكرية".
وأضاف "في الشرق الأوسط نواجه مشكلة تتمثل في وجود دولة (في وسطنا) وهي إسرائيل التي تم التيقن من أنها تمتلك قدرات نووية ، إذا كان هناك إصرار على أن تفصح إيران عما لديها من برامج نووية فيجب أيضا الإصرار على أن تندرج دولة إسرائيل تحت نفس النظام ، في اللحظة التي ستنتشر فيها الأسلحة النووية فإنها لن تقتصر على ما لدى إسرائيل حاليا أو على ما لدى إيران-إذا كان لديها في الأساس- بل سيلجأ العديد من الدول إلى إحداث توازن في هذا الصدد".
وتابع "من الأفضل التوقف عن ذلك الآن لأن التجربة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة أثبتت أن تكديس الأسلحة النووية لا يفيد وأن مصيرها في النهاية هو التدمير مثلما حدث ويحدث بين روسيا وواشنطن".
وانتهى إلى القول :" إن أى تعامل ناجح على الملف النووى الإيرانى، يجب أن يأخذ فى الاعتبار أن لإيران حقوقاً معترف بها فى معاهدة منع الانتشار ويتعين السماح لها بتطبيقها، كما أن استمرار عدم انضمام إسرائيل إلى تلك المعاهدة يشكل خطورة كبيرة على السلم والأمن، ويكرس ازدواجية مرفوضة للمعايير"، لافتاً إلى أن الجانب الأمريكى أعرب عن تفهمه الكامل للرؤية المصرية.
انتقام إسرائيل من التصريحات السابقة لم يتأخر كثيرا وسارعت لنشر المزاعم حول وجود آثار يورانيوم مخصب في مصر رغم أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية مازالت تحقق في تلك الموضوع ، بل وأيدت أيضا وجهة النظر المصرية.
وبجانب تزامن المزاعم الإسرائيلية مع دعوات مصر لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ، فإنها تأتي أيضا في إطار محاولات حكومة التطرف في إسرائيل لفت الانتباه بعيدا عن عملية السلام في المنطقة ، خاصة وأن مصر تمارس ضغوطا كبيرة على إدارة أوباما للإسراع بتنفيذ حل الدولتين وهو الأمر يرفضه نتنياهو وليبرمان بشدة.