لماذا يصعدون ايفرست في أسبوعين ويبقون لدقيقتين؟؟
قابل رجل صديق له بالصدفة -حين رآه-قال مازحاً(أبشرك:صرت بلبل في الفرنسي) ..
لم يفهم قصده في البداية حتى عاد بهم الحديثإلى أيام المدرسة السابقة
حيناقترح عليه تعلم لغة جديدة تمنحه سبباًللاستمرار' ودافعاً للافتخار !!
ففي ذلك الوقت أصيب بحالة اكتئاب وملل مفاجئ -من مهنة التدريس- فحضرلصديقهطالباً الاستشارة ..
حينها اقترح عليه 'تبني هواية جديدة ' أو 'تعلممهارةمختلفة' كأفضل علاج للملل والاكتئاب واستعادة الثقة بالنفس ..
وأذكر أننيقلتله بالحرف الواحد : أنت معلم لغة إنجليزية وتعرف أفضل من غيرك أهمية تعلملغةجديدة ,
فلماذا لا تتعلم الفرنسية أيضا !؟ .. غير أن اقتراحي لم يرقلهحينها وقال بابتسامة ساخرة :
( أي لغة جديدة !؟ وأي فرنسية في هذا البلد !؟ أنتعارف كم عمري الآن !
؟وقبل أن أنجح في إقناعه 'ضرب جرس المدرسة' فذهب هو لأداء حصته وذهبت أنا لتقديماستقالتي من التعليم برمته ..
وحين قابلتهبالصدفة في أحد البنوك وما أكثر مننقابلهم في البنوك هذه الأيام-
أخبرني أنهأعاد التفكير في كلامي وقرر تجربةنصيحتي وأصبح يغرد بلغة فرنسية سليمة) .....
أو هكذا حاول إقناعي) ليس هذافحسب; بل أخبرني كيف تأثر بالمثل الذي ضربته
عنجبل ايفرست ولماذا يحرص البعضعلى تسلقه في أسبوع أو أسبوعين ثم لا يبقى فوقهإلا لدقيقة أو دقيقتين !!
فقد حاولت حينها إقناعه بأن المهم ليس التربع على 'قمة الجبل' ذاتها بل 'رحلةالصعود' باتجاهها....
فمجرد السعي نحو القمة يعطيالمرء احتراما لذاته وثقةبامكاناته ويتيح له فرصة النظر لمسافة أبعد منغيره....
وحين اقترحت عليه تعلممهارة مختلفة أو تبني هواية جديدة لم أقصدالفرنسية بحد ذاتها
'وإن رأيتهامناسبة لتخصصه' بل قصدت إعادة اكتشافه لذاتهوإثراء حياته من خلال هدف جديد ..
فمن خلال تجاربي المتواضعة اكتشفت أنرحلتنا نحو القمة - أو حتى التحضير
لهايملأ حياتنا بالسعادة والنشاط أكثر منالبقاء فوقها 'حيث سرعان ما نصاب بالمللوالإحباط.....
' وهذه المفارقة الغريبةتتضح من خلال التجربة والمرور بمواقفشخصية نعرفها كلنا ؛
فكثيراً ما يكونالاستعداد للإجازة الصيفية - أو التحضيرللسفرة السنوية - أجمل من الرحلةذاتها....
وكثيراً ما يكون جمع المال 'لشراءسيارة الأحلام' أكثر متعة منالسيارة نفسها....
أما أهل العريس فسرعان ما يكتشفأن التحضير لحفل الزفاف 'طوالعام كامل' كان أكثر متعة
من ليلة مرهقة تمر سريعا؛ ولو حدث وسألت أي 'رجلعصامي' سيخبرك كيف أن رحلته
نحو الثراء والشهرة كانتأكثر إمتاعا ونشاطاً منالوصول إليها والثبات عندها !!
فمن خلال مواقف كهذه نكتشف بالتدريج 'وربمابعد فوات الأوان' أن مجرد السعيللتفوق
قد يكون أكثر جمالاً وإرضاء لذات منالتفوق نفسه.... وحين يصاب المرءبالملل من حياته -
والإحباط في عمله - يكونالوقت قد حان لوضع هدف جديد وتسلققمة مختلفة.....
المفارقة هنــا أنقليلاً منا يملك الشجاعة على تغيير وضعه الحالي .... وقياس
على ذلك فهم مغزىوجود 'القمة' ذاتها