امفيتامينات
الحب
كل الأمم تغنت بالحب والهوى والعشق والجوى .. وهي لا تعترف فقط بلوعة
الحب بل وبإمكانية تفاقمه الى درجة الجنون والهيام والانفصال عن الواقع ..
والغريب أكثر والملفت للانتباه فعلا أن الرجال الذين أصيبوا بالجنون بسبب
العشق أكثر بكثير من النساء العاشقات في كافة الحضارات (وهو مايحيرني
شخصيا كون مركز العواطف في دماغ المرأة أكبر من الرجل)!!
وهذا التوافق الأممي المشترك يستدعي التساؤل إن كان للحب أصل جسدي ودافع
كيميائي يسري في أدمغة وأوردة المحبين .. وحين أعود بذاكرتي إلى الوراء أجد
دراسات كثيرة ترجح وجود أصل كيميائي حقيقي إما يسبق العشق فيتسبب بأعراضه
أو يتبعه فيضع صاحبه في حالة لا تختلف عن .. إدمان المخدرات... !!
نعم أيها السادة ؛ فحين نشبه حالة العشق بإدمان المخدرات لا نبتعد كثيرا عن
الحقيقة . فدراسات كثيرة أثبتت أن أدمغة العاشقين تتضمن تركيزا عاليا من
مواد مخدرة طبيعية مثل الاندروفين والدوبامين والنوريبنفرين
والفينيليثيلامين .. وهذه المواد تفرز في الدماغ بشكل طبيعي وتندرج تحت
مسمى الامفيتامينات وقد يتسبب ارتفاعها وانخفاضها بمشاكل ذهنية وعصبية
معروفة ..
ويبدو أن إفراز هذه المواد في الدماغ يتفاوت بتفاوت المراحل المختلفة
للوقوع في الحب الذي غالبا ما يبدأ بنظرة وابتسام فكلام وعشق وهيام ..
وهناك عالمة أعصاب من جامعة روتجر تدعى هيلين فشر أثبتت وجود ثلاث مراحل
للحب تتغلب في كل مرحلة مادة كيميائية معينة ..
ومن الغريب فعلا أن المادة الأخيرة (الفينيليثيلامين) تفرز بأقصى قوتها عند
الوقوع في الهوى لأول مرة الأمر الذي قد يفسر عدم نسيان أول حب أو لقاء
أو قبلة في حياتنا .. أما المادة الأولى (الإندروفين) فيفرزها الدماغ عادة
وقت الطوارئ لحجب الألم ولكنها تستمر لدى العاشق فتمنحه شعورا إدمانيا
مسكنا ..
وهي مجتمعة تتمتع بصفة الديمومة في أدمغة المحبين فتكسبهم بالإضافة
لاستعدادهم لمقاومة الألم شعورا جميلا بالسعادة والمتعة والاستمتاع بألم
الفراق (وفي المقابل أفترض أنه كلما قل إفراز الامفيتامينات عنى ذلك انخفاض
نسبة الحب بين العاشقين) !!
ولأن مجموعة الامفيتامينات تعمل على جبهتين (تخفيف الألم وزيادة المتعة)
يستعذب العشاق ألم الحب وقسوة الهجران .. فقيس بن الملوح مثلا حين أخذه
والده إلى مكة لعله ينسى ليلى تعلق بأستار الكعبة وقال: اللهم زدني لليلى
حبا وبها جنونا وكلفا ولا تنسني ذكرها أبدا ...
وفي حين عجز الأطباء حينها عن علاج "قيس" اتضح اليوم إمكانية علاج "الحب"
من خلال إعادة التوازن لكيمياء الدماغ باستعمال أدوية وأغذية معينة ..
فبالإضافة لوفرة العقاقير العصبية المضادة لأعراض العشق اتضح أن الشوكولاتا
تتضمن مادة الفينيليثيلامين والسيروتونين اللتين تعملان كبديل في الدماغ
وتسببان شعورا مماثلا بالسعادة والانشراح ..
وتشبع الشوكولاتا بهاتين المادتين قد يفسر إدمان البعض عليها وتناولها عند
الشعور بالحزن والإحباط والاكتئاب وبالتالي يمكن وصفها بأمان لضحايا الحب
والغرام !!
** شاعر فاهم قال :
سمع الطبيب قلبي وكتبلي الروشته
قلت الحب في رأسي فاعطني حِتَه