لقد
ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثله في تعامله مع الناس عامة ، ومع
الشباب خاصة قبل البعثه وبعدها ، مما حبب الناس إليه وألفهم عليه ، فكان
يثق في شباب الصحابة ، ويستأمنهم على أمور خاصة ، وقد كانوا رضوان الله
عليهم على مستوى المسئولية في ذلك .
روى
البخاري عن عمر بن أبي سلمة قال : كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه
وسلم : (( يا غلام ، سمّ الله وكُل بيمينك ، وكل مما يليك )) ]متفق عليه [
وعن
معاوية بن الحكم السلمي قال : بيّنا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله . فرماني القوم بأبصارهم ،
فقلت : واثكل أُمّياه ، ما شأنكم تنظرون إليّ ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على
أفخاذهم ، فلما رأيتهم يُصمّتونني لكني شكتُّ . فلمّا صلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن
تعليماً منه ، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ، قال : (( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن )) .
قال
النووي : (( فيه بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم
الخلق الذي شهد الله تعالى به ، ورفقه بالجاهل ، ورأفته بأمته وشفقته
عليهم ، وفيه التخلُق بخُلُقه صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل ، وحسن
تعليمه واللطف به ، وتقريب الصواب إلى فهمه )) .