بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
وبعد فكثُرت في الآونة الأخيرة ألقاب تطرح في الواقع و هي تسمية كل من تكلم
بالدين بلقب عالم وطبعاً هذه لفظة كبيرة وثقيلة فهل لهذه الكلمة معنى في
كتاب الله تعالى
الناظر في القرآن الكريم يرى إشادته بأهل العلم وكيف رفع الله منزلتهم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي
الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا
فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
}المجادلة11
وكذلك فرق بين أهل العلم وغيرهم
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ
الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا
الْأَلْبَابِ }الزمر9
وغيرها من الآيات الكريمة لمن أراد أن يتتبعها
لكن لو أردنا أن نعرف منهم أهل العلم بالمنظور القرآني نجد أن لهم صفات في
القرآن الكريم وأهمها
- الخشية من الله تعالى : خوف من الله تعالى
ومراقبة له قال تعالى:
" إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ غَفُورٌ "فاطر28
ويتجلى الخوف من الله تعالى في أهمية الكلمة وبيان الحكم الشرعي ولأن
العالم موقعٌ عن الله تعالى يبلغ عن الله ويبين حكم الله للناس ومن هنا
وجاء تحريم قول الإنسان على الله ما لايعلم
" قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا
بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ
بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى
اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" الأعراف 33
ولقد كان النبي عليه الصلاة والسلام أول من قال كلمة لا أدري لما لم يعلم
كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي
الله عنه في الحديث المسمى بحديث جبريل والذي سأل النبي عليه الصلاة
والسلام أسئلة فلما سأله عن الساعة أجاب ما المسؤول عنها بأعلم من السائل
ومعنا ه لا أدري وسلك من بعده الأئمة المعتبرون هذا المسلك وكان احدهم
يتهرب من الجواب خشية أن يقول بغير علم أو أن يخلط بين حكم الله ورأي نفسه
"ولاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ
وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ" النحل116
- القدرة على الاستنباط : وهو معرفة الأحكام من
مظانها ولقدرة على فهمها وليس فقط النقل لا غير وقد يكون نقلاً مغلوطاً
المهم أن يسمعه أو يقرأه ولا يجوز التحديث والإخبار بكل ما يسمعه المرء دون
روية وتثبت
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ
فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"الحجرات الآية 6
بل العالم من يقدر على استنباط الحكم قال الله تعالى :
"إِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ
لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
"النساء83
- الميزة الثالثة القدرة على الصدح بالحق وتبليغ
العلم للناس فليس عالماً من كتم علماً خوفاً على لُعاعة من الدنيا أو منصب
زائل أو لقمة عابرة
"الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا
يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً " الأحزاب
39
والعلماء ورثة الأنبياء في المنهج والسلوك فالعالم من يصدح بالحق ولا يخشى
في الله لومة لائم لعلمه بأن الأمر بيد الله تعالى هو خلقنا ورزقنا ويميتنا
ويحشرنا ويحاسبنا على أعمالنا .
إذن هذه بعض صفات العالم في القرآن
أما من ادعى أنه عالم وليست هذه صفاته فليبحث عن اسم لنفسه عدا اسم العالم
شيخ , خوجة , ملا , الخ
ولا يجوز شرعاً أن نطلق عليه هذا الاسم إلا بحقه