سأل معاوية بن أبي سفيان الأحنف بن قيس عن الولد ، فقال : يا أمير المؤمنين
أولادنا ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرض ذليلة ، وسماء ظليلة ،
وبهم نصول عند كل جليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك
ودهم ، ويحبّوك جهدهم ، ولا تكن عليهم قفلا فيتمنّوا موتك ويكرهوا قربك
ويملوا حياتك. فقال له معاوية : لله أنت ! لقد دخلت علىّ وإني لمملوء غيظا
على يزيد ولقد أصلحت من قلبي له ما كان فسد.
بهذه العقلية نريد أن نكون في تعاملنا مع أبنائنا ، و أن تكون نظرتنا لهم
نظرة إيجابية ، و أن نغدق عليهم من عطفنا وحبنا ، بدلا من الصراخ في وجوههم
، وإعلان الثورة عليهم لأتفه الأسباب ، حتى لا يكتسبوا منا سلوكا غير
مرغوب فيه .
فلقد ثبت علميا أن الطفل يتأثر بما يحيط به من الحنو أو القسوة تأثرا عميقا
يصاحبه بقية حياته وعمره ويشمل نواحيه الصحية والنفسية ، وكما هو معلوم
لدى علماء التربية أن الطفل يولد وليس له سلوك مكتسب ، بل يعتمد على أسرته
في اكتساب سلوكياته ، وتنمية شخصيته ؛ لأن الأسرة هي المحضن التربوي الأول
التي ترعى البذرة الإنسانية منذ ولادتها ، ومنها يكتسب الكثير من الخبرات
والمعلومات ، والمهارات ، والسلوكيات والقدرات التي تؤثر في نموه النفسي
-إيجابا وسلبا – وهي التي تشكل شخصيته بعد ذلك ، وكما قال الشاعر أبو
العلاء المعري :
وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ
ومن الظواهر التي كثيرا ما يشكو منها الآباء والأمهات ظاهرة العصبية لدى
الأطفال . ونحن في هذه السطور سنلقي الضوء على هذه الظاهرة بشيء من التفصيل
.
أولا : تعريف العصبية :
هي ضيق و توتر وقلق نفسي شديد يمر به الإنسان سواء الطفل أو البالغ تجاه
مشكلة أو موقف ما ، يظهر في صورة صراخ أو ربما مشاجرات مع الأقران أو أقرب
الناس مثل الأخوة أو الوالدين .
أسباب العصبية لدى الأطفال
يرى علماء النفس أن العصبية لدى الأطفال ترجع إلى أحد السببين الآتيين :
- اضطرابات الغدَّة الدرقية .
- اضطرابات سوء الهضم .
- مرض الصرع .
وفي حالة وجود سبب عضوي لا بد من اصطحاب الطفل إلى الطبيب المختص لمعالجته
منه ، فلا بد من التأكد من خلو الطفل من الأمراض العضوية قبل البحث عن
أسباب نفسية أو فسيولوجية تكمن وراء عصبية الطفل .
وفي حالة التأكد من خلو الطفل من تلك الأمراض السابقة ، علينا أن نبحث في
السبب الثاني للعصبية وهو :
- اتصاف الوالدين أو أحدهما بها ، مما يجعل الطفل يقلد هذا السلوك الذي
يراه أمام عينيه صباح مساء .
- غياب الحنان والدفء العاطفي داخل الأسرة التي ينتمي إليها الطفل ، سواء
بين الوالدين ، أو إخوانه .
- عدم إشباع حاجات ورغبات الطفل المنطقية والمعتدلة .
- القسوة في التربية مع الأطفال ، سواء بالضرب أو السب ، أو عدم تقبل الطفل
وتقديره ، أو تعنيفه لأتفه الأسباب .
- الإسراف في تدليل الطفل مما يربي لديه الأنانية والأثرة وحب الذات ،
ويجعله يثور عند عدم تحقيق رغباته .
- التفريق بين الأطفال في المعاملة داخل الأسرة ، سواء الذكور أو الإناث ،
الكبار أو الصغار .
- مشاهدة التلفاز بكثرة وخاصة الأفلام والمشاهد التي تحوي عنفا و إثارة ،
بما في ذلك أفلام الرسوم المتحركة .
- هناك دور رئيس للمدرسة ، فربما يكون أحد المعلمين ، أو إحدى المعلمات
تتصف بالعصبية ، مما يجعل الطفل متوترا ، ويصبح عصبيا .
مظاهر العصبية لدى الأطفال
- مص الأصابع .
- قضم الأظافر .
- إصرار الطفل على رأيه .
- بعض الحركات اللاشعورية مثل : تحريك الفم ، أو الأذن ، أو الرقبة ، أو
الرجل وهزها بشكل متواصل .... إلخ .
- صراخ الطفل بشكل دائم في حالة عدم تنفيذ مطالبة .
- كثرة المشاجرات مع أقرانه .
منقول للفائدة
1. أسباب عضوية ( مَرضية ) ، مثل :
2. أسباب نفسية واجتماعية وتربوية ، وتتمثل في : -