إلتمس لأ خيك سبعين عذرا...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلتمس لأ خيك سبعين عذرا
ليس أريح لقلب العبد في هذه الحياة ولا أسعد لنفسه
من حسن الظن
فبه يسلم من أذى الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس،
وتكدر البال، وتتعب الجسد.
إن حسن الظن
يؤدي إلى سلامة الصدر
وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين المسلمين
فلا تحمل الصدور غلاًّ ولا حقدًا ،
امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم :
فعن أبي هريرة قال، قال رسول الله :
"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث،
ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا
ولا تحاسدوا ولا تباغضـــوا"
رواه الإمام مالك والبخاري
ومسلم واللفظ لمسلم.
وإذا كان المسلمين بهذه الصورة المشرقة
فإن أعداءهم لا يطمعون فيهم أبدًا
ولن يستطيعوا أن يتبعوا معهم
سياستهم المعروفة فرِّق تَسُد ؛
لأن القلوب متآلفة،
والنفوس صافية.
من الأسباب المعينة
على حُسن الظن:
هناك العديد من الأسباب التي تعين المسلم على
إحسان الظن بالآخـــــرين،
ومن هذه الأسباب:
(1) الدعاء:
فإنه باب كــــــــــل خير،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
يسأل ربه أن يرزقه قلبًا سليمًا.
(2) إنزال النفس منزلة الغير:
فلو أن كل واحد منا عند صدور
فعل أو قول من أخيه وضع نفسه مكانه
لحمله ذلك على إحسان الظن بالآخــرين،
وقد وجه الله عباده لهذا المعنى حين قال سبحانه:
{لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً}
[النور:12].
وأشعر الله عباده المؤمنين أنهم كيان واحد ،
حتى إن الواحد حين يلقـــــى أخاه
ويسلم عليه فكأنــما يسلم علــى نفسه:
{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَـــــى أَنْفُسِكُمْ}
[النور:61].
(3) حمل الكلام على أحسن المحامل:
هكذا كان دأب السلف رضي الله عنهم ،
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا،
وأنت تجد لها في الخير محملاً".
وانظر إلى الإمام الشافعـــي رحمه الله
حين مرض وأتاه بعض إخوانه يعوده،
فقال للشافعـــــي:
قــوى الله ضعفك
قال الشافعــي:
لو قوى ضعفي لقتلني
قال: والله ما أردت إلا الخير.
فقال الإمــــــــام:
أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير.
فهكذا تكون الأخوة الحقيقية إحسان الظن بالإخوان
حتى فيما يظهر أنه لا يحتمل وجها من أوجه الخـــير.
(4) التماس الأعذار للآخرين:
فعند صدور قول أو فعل يسبب لك ضيقًا أو حزنًا
حاول التماس الأعذار، واستحضر حــال الصالحين
الذين كانوا يحسنون الظـــــن ويلتمسون المعاذير
حتى قال الامام الشافعــى إلتمس لأخيك سبعين عـذراً.
وقال ابــــــــــن سيرين رحمه الله:
" إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا ،
فإن لم تجد فقــــــــــل:
لعل له عذرًا لا أعـــرفه ".
إنك حين تجتهد في التماس الأعذار
ستريح نفسك من عناء الظن السيئ
وستتجنب الإكثار من اللوم لإخـوانك:
تأن ولا تعجل بلومك صاحبًا ** لعل له عذرًا وأنت تلوم
(5) تجنب الحكم على النيات:
وهذا من أعظم أسباب حسن الظن؛
حيث يترك العبد السرائـر إلى
الذي يعلمها وحده سبحانه،
والله لم يأمرنا بشق الصدور،
ولنتجنب الظـن السيئ.
(6) استحضار آفات سوء الظن:
فمن ساء ظنه بالناس كان في تعب وهم لا ينقضي
فضلاً عن خسارته لكل من يخالطــــه
حــــتى أقرب الناس إليه ؛
إذ من عادة الناس الخطأ ولو من غير قصد ،
ثم إن من آفات ســــــــــوء الظن :
أنه يحمل صاحبه على اتهام الآخرين ، مع إحسان الظن بنفسه،
وهــو نوع من تزكية النفس التي نهى الله عنها في كتابه:
{فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَــــى}
[النجــــــم:32].
وأنكر سبحانه على اليهود هذا المسلك:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّـونَ أَنْفُسَهُمْ
بَلِ اللَّهُ يُزَكِّـــــي مَنْ يَشَاءُ
وَلا يُظْلَمُـــونَ فَتِيلاً}
[النســـاء:49].
إن إحسان الظن بالناس يحتاج إلى كثير من
مجاهدة النفس لحملها علـــى ذلك، خاصة
وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجــــرى الدم،
ولا يكاد يفتر عن التفــريق بين المؤمنين والتحريش بينهم،
وأعظم أسباب قطع الطريق على الشيطان هو إحسان الظن بالمسلمين.
رَزَقنا الله قلـــــــوبًا سليمة،
وأعاننا على إحسان الظن بإخواننا،
والحمد لله رب العالمـــين
منقووووووول