فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في دفع ضرر الأغذيةوالفاكهة وإصلاحها بما يدفع ضررها ، ويقوي نفعها
ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن جعفر، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب بالقثاء .
والرطب : حار رطب في الثانية ، يقويالمعدة الباردة ، ويوافقها ، ويزيد في الباه ، ولكنه سريع التعفن ، معطش معكر للدم، مصدع مولد للسدد ، ووجع المثانة ، ومضر بالأسنان ، والقثاء بارد رطب في الثانية، مسكن للعطش ، منعش للقوى بشمه لما فيه من العطرية ، مطفئ لحرارة المعدة الملتهبة، وإذا جفف بزره ، ودق واستحلب بالماء ، وشرب ، سكن العطش ، وأدر البول ، ونفع منوجع المثانة . وإذا دق ونخل ، ودلك به الأسنان ، جلاها ، وإذا دق ورقه وعمل منهضماد مع الميبختج ، نفع من عضة الكلب الكلب .
وبالجملة : فهذا حار ، وهذا بارد ، وفي كلمنهما صلاح للآخر ، وإزالة لأكثر ضرره ، ومقاومة كل كيفية بضدها ، ودفع سورتهابالأخرى ، وهذا أصل العلاج كله ، وهو أصل في حفظ الصحة ، بل علم الطب كله يستفادمن هذا . وفي استعمال ذلك وأمثاله في الأغذية والأدوية إصلاح لها وتعديل ، ودفعلما فيها من الكيفيات المضرة لما يقابلها ، وفي ذلك عون على صحة البدن ، وقوتهوخصبه ، قالت عائشة رضي الله عنها : سمنوني بكل شئ ، فلم أسمن ، فسمنوني بالقثاءوالرطب ، فسمنت .
وبالجملة : فدفع ضرر البارد بالحار ،والحار بالبارد ، والرطب باليابس ، واليابس بالرطب ، وتعديل أحدهما بالآخر من أبلغأنواع العلاجات ، وحفظ الصحة ، ونظير هذا ما تقدم من أمره بالسنا والسنوت ، وهوالعسل الذي فيه شئ من السمن يصلح به السنا ، ويعدله ، فصلوات الله وسلامه على منبعث بعمارة القلوب والأبدان ، وبمصالح الدنيا والآخرة .