في هديه صلى الله عليه وسلم في قطع العروقوالكي
ثبت في الصحيح من حديث جابر بن عبد الله ،أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبي بن كعب طبيباً ، فقطع له عرقاً وكواهعليه .
ولما رمي سعد بن معاذ في أكحله حسمه النبيصلى الله عليه وسلم ثم ورمت ، فحسمه الثانية . والحسم : هو الكي .
وفي طريق آخر : أن النبي صلى الله عليهوسلم كوى سعد بن معاذ في أكحله بمشقص ، ثم حسمه سعد بن معاذ أو غيره من أصحابه .
وفي لفظ آخر : أن رجلاً من الأنصار رمي فيأكحله بمشقص ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به فكوي .
وقال أبو عبيد : وقد أتي النبي صلى اللهعليه وسلم برجل نعت له الكي ، فقال : " اكووه وارضفوه " . قال أبو عبيد: الرضف: الحجارة تسخن ، ثم يكمد بها .
وقال الفضل بن دكين : حدثنا سفيان ، عنأبي الزبير ، عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كواه في أكحله .
وفي صحيح البخاري من حديث أنس ، أنهكوي من ذات الجنب والنبى صلى الله عليه وسلم حي .
وفي الترمذي ، عن أنس ، أن النبي صلى اللهعليه وسلم : " كوى أسعد بن زرارة من الشوكة " ، وقد تقدم الحديث المتفقعليه وفيه " وما أحب أن أكتوي " وفي لفظ آخر : " وأنا أنهى أمتي عنالكي " .
وفي جامع الترمذي وغيره عن عمران بنحصين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي قال : فابتلينا فاكتوينا فماأفلحنا ، ولا أنجحنا . وفي لفظ : نهينا عن الكي وقال : فما أفلحن ولا أنجحن .
قال الخطابي : إنما كوى سعداً ليرقأ الدممن جرحه ، وخاف عليه أن ينزف فيهلك . والكي مستعمل في هذا الباب ، كما يكوى منتقطع يده أو رجله .
وأما النهي عن الكي ، فهو أن يكتوي طلباًللشفاء ، وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو ، هلك ، فنهاهم عنه لأجل هذه النية .
وقيل : إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة ،لأنه كان به ناصور ، وكان موضعه خطراً ، فنهاه عن كيه ، فيشبه أن يكون النهيمنصرفاً إلى الموضع المخوف منه ، والله أعلم .
وقال ابن قتيبة : الكي جنسان : كي الصحيحلئلا يعتل ، فهذا الذي قيل فيه : لم يتوكل من اكتوى ، لأنه يريد أن يدفع القدر عننفسه .
والثاني : كي الجرح إذا نغل ، والعضو إذاقطع ، ففي هذا الشفاء .
وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أنينجع ، ويجوز أن لا ينجع ، فإنه إلى الكراهة أقرب . انتهى .
وثبت في الصحيح في حديث السبعين ألفاًالذين يدخلون الجنة بغير حساب "أنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ".
فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع ،أحدها : فعله ، والثاني : عدم محبته له ، والثالث : الثناء على من تركه ، والرابع: النهي عنه ، ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى ، فإن فعله يدل على جوازه ، وعدممحبته له لا يدل على المنع منه . وأما الثناء على تاركه ، فيدل على أن تركه أولىوأفضل . وأما النهي عنه ، فعلى سبيل الإختيار والكراهة ، أو عن النوع الذي لايحتاج إليه ، بل يفعل خوفاً من حدوث الداء ، والله أعلم .
***